قناة اسطنبول الجديدة بين مؤيد ومعارض
البعض سمّاه مشروع العصر والبعض الأخر عارض بشدة مشروع شق قناة اسطنبول الجديدة فما هي أسباب كل طرف من الأطراف؟ , وما هي الأهمية الاستثمارية لهذا المشروع بالنسبة لسوق العقار التركي ؟ سنناقش كل ذلك بعد إعطاء مقدمة سريعة عن المشروع .
فكرة إنشاء قناة بحرية ثانية موازية لمضيق البوسفور تربط بين البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط هي فكرة قديمة تعود للعصر العثماني حيث حاول عدة سلاطين عثمانيين إنشاء هذا المشروع وتم تأجيله عدة مرات , وفي العصر الحديث اقترح رجب طيب أردوغان المشروع مجدداً في 7 نيسان 2011 وعندما تولى منصب رئاسة الجمهورية أعلن عن وضع حجر الأساس بشكل رسمي لأول جسر من جسور القناة في الشهر السادس من عام 2021 وبذلك بدأ بإنشاء مشروع قناة اسطنبول الذي دعاه مشروع العصر .
ما هي مواصفات قناة اسطنبول الجديدة ؟
ستكون هذه القناة بطول 47 كم وبعمق 21 متر و سيبلغ عرض القناة من السطح 375 متر بينما سيكون عرض القاع 275 متر وهذا بدوره يضمن مرور جميع أنواع السفن ما عدا أكبر نوع من الناقلات .
ستمر هذه القناة ابتداءاً من منطقة كوتشوك شكمجه وتعبر من افجلار لتمر من باشاك شهير وأخيراً ارناؤوط كوي عند البحر الأسود وبذلك تكون قرب المطار الجديد بنفس الوقت وسيكون الطريق السريع O7 الذي يصل بين غرب اسطنبول وشرقها من خلال الجسر الثالث جسر السلطان ياووز سليم .
ما هي تكلفة شق قناة اسطنبول الجديدة والفترة الزمنية اللازمة لذلك ؟
سيتضمن مشروع قناة اسطنبول إنشاء 6 جسور جديدة للربط بين طرفيها بالإضافة إلى 3 أنفاق تحت الأرض وتبع التكلفة الإجمالية لذلك حوالي 15 مليار دولار وسيتم إنشائها بالتعاون بين شركات من القطاع العام والخاص .
بالنسبة للفترة الزمنية اللازمة لذلك بفرض أنه تم وضع حجز الأساس للبدء بالمشروع وبفرض أنه ليس هناك أي عوائق تسبب توقف العمل في المشروع , سيحتاج هذا المشروع ليصبح جاهزاً 7 سنوات تقريباً وهي مدة زمنية ليس بالقصيرة بالنسبة للاستثمار العقاري كما سنبحث لاحقاً .
ما هي إيجابيات إنشاء قناة اسطنبول الجديدة ؟
- تمر يومياً من مضيق البوسفور حوالي 135 سفينة لنقل البضائع والنفط ما عدا سفن النقل والسفن السياحية والخاصة وبالتالي هناك عبئ كبير على المضيق وتضطر أحياناً السفن أن تنتظر لعدة أسابيع حتى يتسنى لها الدور بالمرور ولذلك إنشاء قناة موازية للمضيق سيكون له دور كبير في تخفيف الضغط من جهة والعمل بكفاءة أعلى من جهة أخرى .
- التقليل من التلوث الذي يتعرض له مضيق البوسفور من التسرب الذي يحصل في ناقلات النفط بشكل خاص ومن التلوث بسبب ازدحامه بالسفن بشكل عام وبشق قناة اسطنبول الجديدة سيتم إرسال السفن التي تحمل مواد خطرة لتمر من القناة الجديدة وهذا ما سيساهم في الحفاظ على البيئة الصحية في البوسفور والحياة البحرية .
- التقليل من الحوادث التي تحصل في مضيق البوسفور بسبب كثافة حركة السفن المارة وأيضاً سفن النقل بين طرفي المضيق والسفن الخاصة وفي هذه الحوادث خسارة كبيرة للبضائع في السفن الكبيرة وعليك أن لاتنسى أن القصور والفنادق على طرفي مضيق البوسفور ذات أسعار مرتفعة جداً وبالتالي تعطيلها للترميم أمر ليس بالبسيط.
- بموجب معاهدة مونترو لا يُسمح لتركيا بإعطاء الإذن لمرور السفن الحربية إلى البحر الأسود التابعة لدول خارج حوض البحر الأسود وإذا تم إنشاء قناة إسطنبول سيصبح لتركيا الحرية في التحكم بحركة السفن الحربية بين البحر المتوسط والبحر الأسود
- سيكون العبور من القناة الجديدة مأجوراً وأيضاً إنشائها سيساعد في إتاحة المجال لسفن أكثر من أجل العبور من خلال تركيا وهذا عائد ليس بالقليل إذ يمكن من أجور السفن التي تمر من خلال القناة الجديدة تحقيق عائد بقيمة 10% من تكاليف الإنشاء وهكذاخلال 10 سنوات يمكن استرداد كامل تكاليف الإنشاء .
ما هي سلبيات إنشاء قناة اسطنبول الجديدة ؟
- تجعل من وسط اسطنبول الأوربية والتي يقطنها أكثر من 10 ملايين شخص جزيرة يحدها من الغرب مضيق البوسفور ومن الشرق قناة اسطنبول وفي حال حدوث أي نوع من الكوارث ستكون معزولة ويصعب إنقاذ السكان منها
- مرور ناقلات النفط ضمن القناة لا يعني انعدام التلوث إنما انتقاله من البوسفور إلى القناة الجديدة وأيضاً احتمال الحوادث أكبر كون عرض القناة وعمقها أقل
- ستؤدي فترة إنشاء القناة وهي على الأقل 7 سنوات إلى حدوث تلوث على مستوى عالي ومستمر في أقسام كبيرة من اسطنبول
- ستمر القناة الجديدة من مخازن الماء الرئيسية في اسطنبول وبالتالي في حال حدوث شح بالماء العذب سيكون من الصعب الحصول عليه .
والخلاصة أن المشروع بين مؤيد ومعارض وهو في الغالب حسب رأي أغلبية الشعب التركي أنه يصب في مصلحة الدولة والمستثمرين الأجانب على حساب مصلحة الشعب والذي يهمنا هو
مناقشة الاستثمار العقاري على طرفي قناة اسطنبول الجديدة.
ومن النظرة الأولى سيقول المستثمرون حديثي العهد بالاستثمار العقاري في اسطنبول أن هذا المشروع هو فرصة لا تتكرر للحصول على عقار بإطلالة على البوسفور الجديد بأسعار بالتأكيد هي أرخص بكثير من العقارات المطلة على البوسفور الحقيقي ولكن يجب علينا إدراك هذه النقاط المهمة أولاً:
1- مشروع القناة في حال لم يكن هناك أي معوقات سيتم إنجازه في عام 2028 وبالتالي بعد سبع سنوات من الآن وبالتالي هذه فترة طويلة جداً بالنسبة للاستثمار العقاري في اسطنبول حيث تكون دورة الاستثمار الناجحة قصيرة الأمد من سنة إلى 3 سنوات وبالتالي لدينا هنا دورتين استثماريتين يمكن انجازهما قبل أن يتم إنشاء القناة وبعد ذلك بدء المشاريع الاستثمارية على طرفيها , ولذلك في الوقت الحالي نرى أن تقييم الفرص الاستثمارية على طرفي القناة هي مسألة مبكرة جداً وغير مثمرة وخصوصاً إذا عرفت التالي :
2- الأراضي على طرفي القناة المباشرة هي أراضي مرخصة زراعية أو قد تم بيعها بالكامل والاستثمار الوحيد الممكن هو الاستثمار في الأراضي الصالحة للبناء والآن بعد هذا نجد أن هذه الفرصة غير متاحة حالياً وبالتالي الاستثمار المبكر قرب قناة اسطنبول خيار ليس متاح.
3- المميز في البوسفور هو أنه قديم وتم إنشاء القصور والمنازل على طرفيه على مر العهود الطويلة وبالتالي وجود بوسفور جديد مع عشرات المجمعات السكنية الجديدة بالطبع لن يضاهي ندرة أو مزايا عقارات البوسفور الحقيقية وبالتالي سيكون العرض كبير وهذا يعارض مبدأ الاستثمار الأساسي .
4- مشروع قناة اسطنبول يتضمن 6 جسور و3 أنفاق وحتى لو لم تحدث أي عوارض تؤخر تسليم المشروع في الوقت فنحن بحاجة فعلاً إلى 10 سنوات ليتم اكتماله بأحسن حال واليوم المستثمر الذي نخبره أن العقار قد يتأخر 6 أشهر عن تاريخ التسليم يبدأ بحسابات جديدة وممكن أن يلغي فكرة الاستثمار في هذا العقار أصلا فماذا لو كنا نتحدث عن تأخير 3 سنوات على الأقل.
5- تأكد عندما يصبح الاستثمار العقاري على طرفي القناة مثمراً ستجدنا أول المواقع التي ستتناول المشاريع الاستثمارية بالتفصيل مع مزاياها الحقيقية التي تؤهلها لذلك .
اترك رد